سأكتب … بالعربي
لجبالِ من شوقٍ … وأنهارٍ من حنين
سأكتب … بالعربي
لوديانٍ من وجعٍ … وشواطئ من أنين
سأكتب … بالعربي
لأنني عربيةٌ … و ابنة عربي
ورثت لساني عن أبي
وبين ضلوعي ألفُ حكايةٍ عربيةٍ تختبي
لألفِ سنةٍ و يزيد يمتد في البلاد السمراء نسبي
تتماوج في عروقي بحور الشعر
وفي عظامي بقايا من وليّ وصِدّيق ونبي
سأكتب … بالعربي
فبالعربية وحدها يكون بكائي أعلى
يكون أنيني أطول
يكون فرحي أبهى
يكون حزني أجمل
سأكتب .. بالعربي
فبالعربية وحدها … أُتقن الحرفَ الموجوع المفجوع المسجوع
هذا يا سادة لأنني عربية
حَلّلتُ ذات يومٍ مُركّباتي الوراثية
فوجدت أحماضاً نووية
تدعى صاداً وعيناً وقافاً و ضاد
بَرَعَ الصّاد بصيد القوافي
هو للمحبين صَبابةٌ وصلةٌ و صحبةٌ لا تجافي
و العين تتهادى حوراءُ في دمي بِخُيلاءِ
فسيفساءُ من عزٍ وعَجَبٍ وعِشقٍ صافي
و سَهمٌ ان ارتمى … حلّ من القلب في الشغاف
أما القاف فاعتنقت القضيّة … ذاتَ القضيّة القديمة القوية الهوية
قضيةِ العدالة والكرامة الإنسانية
و بقيتْ الضاد ضرباً من جنونٍ
ضباباً و رماداً تحت الجفون
يُنذِر بنارٍ آتيةٍ ضارمةٍ عتية
تُشعل جذوةً سرمدية
تصبو دوماً للحرية
هذا يا سادة لأنني عربية
في لغتي وحدها تتسع الكلمة لتغدو جملة … ويضيق الفعل ليغدو حرفا
رَ يا صاحِ، “أنلزمكموها”؟ … فطوبى لمن يحيط بها إعراباً وصرفا
سأكتب … بالعربي
قد ألبسُ حللاً غربية … و أطهو طعاماً مشرقي
فإن أرخى الليل سدوله نزعتُ عني أسمالي
وبقيتُ وحدي … أنا ودمي ولساني العربي
لذلك سأكتب اليوم بالعربي
لأن ربي خاطبني بالعربي
وإليه أرفع اليوم كلماتي بالعربي
ياربّ الألسنِ والألوانِ والأعراقِ والنسب
ياربّ الحربِ والتعبِ والنصبِ والحبّ
لمن تركتني أنا الإنسان العربي؟!
أغرَقَ الظلمُ والألمُ كلماتي وأدبي
لكنّي لا أقول إلا كما قال حبيبك النبي
أنت ربّ المستضعفين … وربي
إلى من تكلني؟
إلى قريب يتجهمني … أو إلى عدو ملكته أمري
اللهم عافيتك هي أوسع لي
أعوذ بنور وجهك أن ينزل غضبك بي
أو يحلّ سخطك بي
لك العتبى حتى ترضى .. يا الله … ياربي
!أنا الإنسان العربي
Featured image: Calligraphy painting by Khaled Al Saai