نعيش اليوم في عالمٍ مترامي الأطراف حد التشتت، حيث أن تحقيق “لمّة” عائليةً يستدعي حقائبَ سفر وطائراتٍ عابرةً للقارات … وفيزا، إن امتلكها بعض أفراد العائلة استعصت على البعض الآخر …. هذا العالم نفسه يتضاءل أحياناً حتى تسعه صورة … ألا يقولون أن الإنسان هو كائنٌ متأقلمٌ مع محيطه وظروفه؟ إذاً ربما تكون الصور هي تكيفنا الجديد مع الشتات!
فإلى كلّ من يحمل بيته، أهله، أصدقاءه، شوارع مدينته، رُكْنَهُ المفضل … وحُبّه الأول في صورة … إليكم جميعاً أكتب اليوم …. إلى هذا العالم الكبير حدّ استحالة اللقاء، والصغير حدّ الانحباس في صورة …. وإليك …
إليك أكتب هذه الكلمات … فدعني أعترف …
قد يؤلم الحبّ … قد يؤلم الحبّ أحياناً … لكنّه الشئ الوحيد الذي أُتقنه وهو كلّ ما أملك لأعطيه لك …
حين تطبق علينا الدنيا بصعابها … حين تُظلم الأيام وتنتحب الليالي، يبقى الحبّ هو الوحيد القادر على منحي وإياك الشعور بالحياة …
لكن أتدري ما هو أجمل الحبّ؟ هو ذاك الذي نُخبئه في صورة … ففي الصور يا حبيبي نصنع ذكرياتنا كما نشاء … في الصور لا يُتعبُ السهرُ عيونَنا ولا نضطر لإغماضها، ولا يكسرُ الهمُّ قلوبنا فنضطر لإغلاقها على نفسها … في الصور يحلو الزمن للأبد …
هل تعلمُ يا حبيبي معنى السُكنى في صورة؟ …. حين أسكنُ في صورةٍ تستطيع أن تبقيني معك في كلّ وقت … تبقيني بجانبك رغم آلاف الأميال، رغم ما يُقرّه أو يرفضه المجتمع، ورغم ما تعترف به أو تُنكره وثائقُ السفر والدول … وأقبع هناك … في جيب بنطالك العتيق أرافقك أينما ذهبت … وحين تشتاقني سيكون بإمكانك أن تُقربني من وجهك … قريباً جداً حتى تلتقي عيوننا … قريباً جداً حتى تلتحم أنفاسنا … حينها لن تشعر أبداً بالوحدة … و ستنتظرني … لأنك تعلم أني إليك سأعود … رغم الحدود … رغم كل ما وضعوه بيننا من حدود …
إليك أكتب هذه الكلمات … فدعني أعترف باسم كلّ قاطني الصور … باسمنا نحن الذين كَبُرنا في زمن الصورة … وفي الصورة غدونا آباءً و أمهات … جدوداً و جدّاتٍ … وسجل عندك الاعتراف …
أنّا نحن من نقضي الليل بصحبة صورة … نتسكع في أزقة الذكرى حتى الصباح …
صورة ٌ في اليد، وأخرى في الذهن … هما كلّ ما نملك …
أحاديثنا وراء الأبواب … تلك القُبَلُ المخطوفة على عجل من لهاث الأيام والأحداث … الشمس المغتسلة بمياه المتوسط في غروبٍ قرمزي، ولحظاتُ صمتنا المثقلة بآلاف الحكايا … رحيل النور، أحاديث المساء، عيوننا المبحرة في عتمة الأفق وأقدامنا الملتحفة بذهب الرمل الدافئ … خطواتنا المعششة بين شقوق بلاط الشوارع العتيق بانتظار تَنَفُسِ الصّباح عن رغيف الخبز الساخن … وموسم الياسمين …
لحظاتٌ نحملها في صورة … صورةٌ في اليد، وأخرى في الذهن … هذا كلّ ما نملك!
إليك أكتب هذه الكلمات … فدعني أعترف …
الحبّ يشفي … الحبّ يصلح الروح … أعلم أننا مُتعَبون … وأعلم أن كلّ شئٍ سيصبح أفضل … صدّقني سيصبح أسهل … وسنمشي الدرب سوياً … تشدُّ أزرَنا صورة … وحين تنتهي رحلتنا في هذه الحياة، سنترك كل شيء وراءنا، كلّ التركة الثقيلة من البعد والانتظار … كلّ الشوق وكلّ الحنين … سنترك كل شئ، وسنحمل حبنا ونرحل …
فإلى أن يحين أوانُ الرحيل، دعنا نودِعُ هذا الحب في صورة … فليس هناك في العالم كلّه مكانٌ أكثرُ أمناً من صورة … ولتحملني يا حبيبي معك أينما ذهبت …
وإذا أسدل الليل عليك ستره فانظُر إليّ … قرّب عينيك من عينيّ … حتى تسمع همس حديثهما …. فكلّ ما لم يُقَل من كلمات … قد خبأتُه لك في صورة …
أنا الموقع أدناه، القاطن في العنوان أعلاه … وددتُ أن أؤرخ لمكتوبي لكن مضى زمنٌ ماعدت أذكر تاريخه مُذ أصبحنا أنا و حبنا في الصورة نسكن … فإذا وصلتك رسالتي فاحملنا معك في قلادة، قريباً من قلبك احملنا، هناك حيث يجب أن نكون …. خبئنا عميقاً في روحك … هناك حيث يجب أن نكون … وانتظرني … فأنا للبيت سأعود … إليك سأعود … برغم كل البعد … برغم كل الحدود … سأعود.
(بإلهام من أغنية اد شيران “صورة” بتصرف)
الصور أقواها تحتفظ بها الذاكرة، وأحلاها تستولي عليها القلوب، واروعها تنافس عليها العيون، وأبهاها التي تشكلها مخيلتنا،
صدقت ياعمر
شكرا ريم لهذه اللحظات الجميلة التي نعيشها مع الأغنية من خلال ترجمة لأحاسيس نتلقاها عبر كلمات يخطها قلمك المبدع وقهوتك المميزة
يسعدني أني أمتعتكم ولو للحظات 🙂
أكثر من جميل، إن من البيان لسحرا
شكراً همّام